روائع مختارة | روضة الدعاة | أدب وثقافة وإبداع | الخليل بن أحمد.. الفراهيدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > أدب وثقافة وإبداع > الخليل بن أحمد.. الفراهيدي


  الخليل بن أحمد.. الفراهيدي
     عدد مرات المشاهدة: 20528        عدد مرات الإرسال: 0

الإمام النحوي واللغوي الكبير ومؤسس علم العروض أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي

المقدمة.. ذكر قاضي القضاة ابن خلكان رحمه الله في كتابه "وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان" أن الخليل بن أحمد كان إماماً في علم النحو وهو الذي استنبط علم العروض.

وأخرجه إلى الوجود وحصر أقسامه في خمس دوائر يستخرج منها خمسة عشر بحراً ثم زاد فيه الأخفش بحراً آخر وسماه الخبب، وقيل إن الخليل بن أحمد دعا بمكة أن يرزق علماً لم يسبقه أحد إليه ولا يؤخذ إلا عنه، فرجع من حجه ففتح عليه بعلم العروض، وله معرفة بالإيقاع والنغم وتلك المعرفة أحدثت له علم العروض فإنهما متقاربان في المأخذ.

نسبه ومولده:

هو أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي ويقال الفرهودي البصري الأزدي اليحمدي، وقال أبو بكر بن أبي خيثمة:  أول من سمي في الإسلام " أحمد " بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم - أبو الخليل بن أحمد - ، ولد بالبصرة عام مئة للهجرة، وقيل أنه ولد في عُمان، وذلك ما تذهب إليه المصادر العمانية وهو الأرجح، وخرج بعد ذلك الى البصرة صغيرا مع والديه فأقام بها ونسب إليها. والله تعالى أعلم.

 حاله وأخلاقه:

كان رحمه الله الى جانب علمه الغزير، رجلاً صالحاً عاقلاً حليماً وقوراً متواضعا، وزاهدا ورعا، يحج كل سنتين مرة، ويعيش في خص من أخصاص البصرة، قال تلميذه النضر بن شميل: 

 (أكلت الدنيا بعلم الخليل و كتبه، وهو في خص لا يقدر على فلسين، وتلاميذه يكسبون بعلمه الأموال) .

ومن حكايات زهده، ان سليمان بن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي والي فارس والأهواز، كان ﯾﺪفع له راتبا بسيطا يعينه به، فبعث اليه سليمان يوما يدعوه اليه، فرفض، وقدم الخليل بن أحمد للرسول خبزا يابسا مما عنده قائلا:  ما دمت اجده فلا حاجة بي الى سليمان.

من كلامه:

" لا يعلم الإنسان خطأ معلمه حتى يجالس غيره "

 وقال تلميذه النضر بن شميل:  لقد سمعته يوماً يقول " إني لأغلق علي بابي فما يجاوزه همي ".

وكان يقول:  " أكمل ما يكون الإنسان عقلاً وذهناً إذا بلغ أربعين سنة وهي السن التي بعث الله تعالى فيها محمداً صلى الله عليه وسلم ثم يتغير وينقص إذا بلغ ثلاثاً وستين سنة وهي السن التي قبض فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصفى ما يكون ذهن الإنسان في وقت السحر ".

 الخليل بن أحمد أذكى العرب و مفتاح العلوم

قال حمزة بن الحسن الأصبهاني في حق الخليل بن أحمد في كتابه الذي سماه " التنبيه على حدوث التصحيف "، وبعد فإن دولة الإسلام لم تخرج أبدع للعلوم التي لم يكن لها عند علماء العرب أصول من الخليل وليس على ذلك برهان أوضح من علم العروض الذي لا عن حكيم أخذه ولا على مثال تقدمه احتذاه وإنما اخترعه من ممر له بالصفارين من وقع مطرقة على طست ليس فيهما حجة ولا بيان يؤديان إلى غير حليتهما أو يفيدان غير جوهرهما.

فلو كانت أيامه قديمة ورسومه بعيدة لشك فيه بعض الأمم لصنعته ما لم يصنع أحد منذ خلق الله الدنيا من اختراعه العلم الذي قدمت ذكره ومن تأسيسه بناء كتاب " العين " الذي يحصر لغة أمة من الأمم قاطبة ثم من إمداده سيبويه (أحد تلامذته العظام) من علم النحو بما صنف منه كتابه المسمى " الكتاب " الذي هو زينة لدولة الاسلام انتهى كلامه.

ثناء العلماء عليه:

قال الإمام سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى:  (من أحب أن ينظر الى رجل من ذهب والمسك فلينظر الى الخليل بن احمد) .

وقال الإمام ابن حبان رحمه الله:  (كان من خيار عباد الله المتقشفين في العبادة، وكان غاية في استخراج مسائل النحو وتصحيح القياس فيه وهو أول من استخرج العروض وحصر أشعار العرب بها وعمل أول " العين " المعروف المشهور الذي به يتهيأ ضبط اللغة وكان من الزهاد في الدنيا والمنقطعين الى العلم) .

وقال الإمام الذهبي رحمه الله:  (كان رأسا في لسان العرب دينا ورعا قانعا متواضعا كبير الشأن، وكان مفرط الذكاء، وكان هو ويونس إمامي أهل البصرة في العربية) .

وقال الإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله:  (الخليل بن أحمد صاحب العروض والنحو صدوق عالم عابد) .

 من أعماله الجلية رحمه الله تعالى

هو أول من أسس علم العروض.

وهو أول من ابتكر التأليف المعجمي.

وهو مخترع علم النحو الذي لقّنه لتلميذه سيبويه.

وهو مخترع علم الموسيقى المعرفية التي جمع فيها أصناف النَّظم.

وهو الذي وضع تشكيل الحروف العربية، وقد كانت من قبله لا تشكيل واضح لها؛ فسهَّل بذلك تلاوة القرآن، فنال بذلك أجرا عظيما، حتى قيل إنَّ عصره لم يعرف أذكى منه، وأعلم وأعفَّ وأزهد.

فضلا عن جهوده في علم التجويد، إذ أنه إشتغل إشتغالا عظيما في علم مخارج الحروف وصفاتها.

وروى قاضي القضاة ابن خلكان رحمه الله أن الخليل كان له ولد، فدخل على أبيه يوماً فوجده يقطع بيت شعر بأوزان العروض، فخرج إلى الناس، وقال إن أبي قد جن، فدخلوا عليه وأخبروه بما قال ابنه، فقال مخاطباً له: 

 لو كنت تعلم ما أقول عذرتني أو كنت تعلم ما تقول عذلتكا

 لكن جهلت مقالتي فعذلتني  وعلمت أنك جاهل فعذرتكا

 تصانيفه:

وللخليل من التصانيف:  كتاب العين في اللغة وهو مشهور وكتاب العروض وكتاب الجمل في النحو وكتاب الشواهد وكتاب النقط والشكل وكتاب النغم وكتاب في العوامل، وأكثر العلماء العارفين باللغة يقولون إن كتاب العين في اللغة المنسوب إلى الخليل بن أحمد ليس تصنيفه.

وإنما كان قد شرع فيه ورتب أوائله وسماه بالعين ثم مات فأكمله تلامذته النضر بن شميل ومن في طبقته وهم مؤرج السدوسي ونصر بن علي الجهضمي وغيرهما، فما جاء الذي عملوه مناسباً لما وضعه الخليل في الأول فأخرجوا الذي وضعه الخليل منه وعملوا أيضاً الأول فلهذا وقع فيه خلل كثير يبعد وقوع الخليل في مثله، وقد صنف ابن درستويه في ذلك كتاباً استوفى الكلام فيه وهو كتاب مفيد.

تلامذته:

كثر تلاميذه منهم:  سيبويه، والكسائى، والنضر بن شميل، والاصمعي وغيرهم، وقد اعترفوا جميعا، وكلهم اساتذه كبار، بريادته في اللغة، والنحو، والعروض، وعلم الموسيقى، والرياضة.

نبذة عن علمه العروض:

يعرف علم العروض بأنه علم بمعرفة أوزان الشعر العربي، أو هو علم أوزان الشعر الموافق أشعار العرب، التي اشتهرت عنهم وصحت بالرواية من الطرق الموثوق بها، وبهذا العلم يعرف المستقيم والمنكسر من أشعار العرب والصحيح من السقيم، والمعتل من السليم.

وحصر الخليل بن أحمد أقسامه في خمس دوائر يستخرج منها خمسة عشر بحراً ثم زاد فيه الأخفش بحراً آخر وسماه الخبب. فبحور الشعر ستة عشر بحرًا وهي:  الطويل، المديد، البسيط، الوافر، الكامل، الهزج، الرجز، الرمل، السريع، المنسرح، الخفيف، المضارع، المقتضب، المجتث، المتقارب، المتدارك. وقد جمعها أبو الطاهر البيضاوي في بيتين: 

طويل يمد البسط بالوفر كاملُ  ويهزج في رجز ويرمل مسرعا

فسرح خفيفا ضارعا يقتضب لنا من اجتث من قرب لندرك مطمعا

وقد نظم صفي الدين الحلي بيتا لكل بحر، سميت مفاتيح البحور ليسهل حفظها: 
 

وقد نظم صفي الدين الحلي بيتا لكل بحر، سميت مفاتيح البحور ليسهل حفظها :

الترتيب

البحر

أصل تفاعليه

مرات تكرار الأصل

مفتاح البحر

1

الطويل

فعولن مفاعيلن

4

طويلٌ له دون البحور فضائلٌ      فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن

2

المديد

فاعلاتن فاعلن

4

لمديد الشعر عندي صفاتُ      فاعلاتن فاعلن فاعلاتن

3

البسيط

مستفعلن فاعلن

4

إن البسيط لديه يبسط الأملُ      مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن

4

الوافر

مفاعلتن

6

بحور الشعر وافرها جميل      مفاعلتن مفاعلتن فعولن

5

الكامل

متفاعلن

6

كمل الجمال من البحور الكامل      متفاعلن متفاعلن متفاعلن

6

الهزج

مفاعيلن

6

على الأهزاج تسهيل      مفاعيلن مفاعيلن

7

الرجز

مستفعلن

6

في أبحر الأرجاز بحرٌ يسهل      مستفعلن مستفعلن مستفعلن

8

الرمل

فاعلاتن

6

رمل الأبحر ترويه الثقات      فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن

9

السريع

مستفعلن مستفعلن مفعولات

2

بحرٌ سريع ماله ساحل      مستفعلن مستفعلن فاعلن

10

المنسرح

مستفعلن مفعولات مستفعلن

2

منسرح فيه يضرب المثل      مستفعلن مفعولات مفتعلن

11

الخفيف

فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن

2

يا خفيفاً خفّت به الحركات      فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن

12

المضارع

مفاعيلن فاعلاتن مفاعيلن

2

تعدّ المضارعات      مفاعيلُ فاعلاتن

13

المقتضب

مفعولات مستفعلن

2

اقتضب كما سألوا      مفعلات مفتعلن

14

المجتث

مستفعلن فاعلاتن

2

أن جثت الحركات      مستفعلن فاعلاتن

15

المتقارب

فعولن

8

عن المتقارب قال الخليل      فعولن فعولن فعولن فعول

16

المحدث
(ويسمى الخبب أو المتدارك)

فاعلن

8

حركات المحدث تنتقل      فعلن فعلن فعلن فعل

 



 

وفاة العلامة إمام النحو واللغة الخليل بن أحمد الفراهيدي البصري رحمه الله تعالى

بالرغم من أن العلامة الخليل بن أحمد الفراهيدي هو من وضع علم العروض إلا أن إنتاجه الشعري قليل، فما عرف عنه إلا البيت والبيتين والثلاثة، إخترنا هذين البيتين: 

 فكن مستعدا لداء الفناء  فإن الذي هو آت قريب

حسبك من دهرك هذا القوت  ما أكثر القوت لمن يموت

قال القفطي رحمه الله:  في كتابه " الإنباه " ولد الخليل في سنة مئة وتوفي سنة مائة وخمس وسبعين، وقال الزبيدي رحمه الله:  في " الطبقات " توفي سنة سبعين ومائة، وقيل عاش أربعاً وسبعين سنة رحمه الله تعالى، وقيل في سبب وفاته:  أنه أراد أن يقرب نوعا من الحساب تمضي به الجارية الى البياع فلا يمكنه ظلمها، فدخل المسجد وهو معمل فكره في ذلك، فصدمته سارية وهو غافل عنها بفكره، فانقلب على ظهره، فكانت سبب موته، وقيل بل كان يقطع بحرا من العروض. . . والله تعالى أعلم، وكان ذلك بالبصرة ودفن بها.

رحم الله تعالى الزاهد العلامة الإمام النحوي واللغوي أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي رحمة واسعة وأسكنه فسيح جنانه الفردوس الأعلى وسائر علماء المسلمين وصلى الله على سيدنا وحبيبنا محمد المصطفى المختار سيد الأولين والآخرين وعلى آله الكرام وصحبه الأخيار أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وتابعيهم وتابعيهم بإحسان الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا.


الكاتب: د. عماد عجوة

المصدر: موقع جمعية الهلال الإنسانية